
صباح المكي
( كتبت هذا المقال صباح المكي ونشر لأول مرة بالإنجليزية في صحيفة بروان لاند نيوز. النسخة العربية مترجمة بقلم الكاتبة نفسها)
من دبي إلى دارفور، عبر موانئ ليبيا وتحت أنظار الاتحاد الأوروبي، مضت سفينة آيا 1 كأنها قطار موت يشقّ المتوسط، محمّلة بمركبات قتالية وذخائر إماراتية. تحقيق صحيفة إل فوغليو الإيطالية، المعنون «قطار دارفور» (Darfur Express)، لم يفضح فقط انهيار منظومة الحظر الأممي، بل كشف كيف ازدهرت شبكات التهريب، وكيف انحدر صمت بروكسل من حياد إلى توقيع مباشر على صكوك الدم، مانحًا التذكرة لعبور نحو الإبادة في دارفور.
الجسر الجوي… ممرّ الإبادة من السماء
منذ أن دوّى أول رصاص في الحرب قبل عامين، لم تغب أبوظبي عن المشهد؛ فهي الراعي السري لميليشيات حميدتي، والطامعة في التحكم بخيوط التهريب داخل المثلث المظلم الذي يضم السودان وليبيا ومصر. ومن أدواتها المفضّلة: جسر جوي ثابت كنبضٍ شيطاني، تنطلق رحلاته من رأس الخيمة والعين، لتحطّ في بنغازي أو الكفرة، داخل أراضي الحليف حفتر. ومن هناك، تهبط القوافل جنوبًا كأثقال من حديد ونار، حتى تبلغ معسكرات ميليشيا الدعم السريع في السودان.
لم يعد الأمر همسًا في أروقة الاستخبارات؛ بل حقيقة موثقة بعيون المحللين المستقلين، وفي مقدمتهم ريتش تِد، الذي تتبّع لسنوات مسارات الإمداد بين الخليج وإفريقيا، مؤكّدًا أنّ هذا الجسر الجوي يتنفس يوميًا تقريبًا. أما مركبات البيك أب المدرعة، فقصتها أكثر فداحة: آلاف منها تتدفّق عبر رمال الصحراء الليبية نحو السودان، بمعدل شحنة واحدة كل ثلاثة أسابيع، كما أفصح مصدر دبلوماسي مطّلع.
إنه ليس مجرد نقلٍ عبر الأجواء، بل شريان موت يربط أبوظبي بالصحراء، ويحوّل الهواء نفسه إلى ممرٍّ للإبادة.
رحلة الخديعة… من جبل علي إلى دارفور
في الأول من يوليو 2025، أبحرت سفينة الحاويات آيا 1 من ميناء جبل علي في دبي، رافعةً علم بنما. أوراقها الرسمية ادّعت أنها محمّلة بمستحضرات تجميل وسجائر وأجهزة إلكترونية في طريقها إلى شمال أوروبا.
لكن الحقيقة ـ كما كشفتها تقارير الاستخبارات الأميركية ـ كانت أفظع: في أحشائها شحنة إماراتية المصدر تضم مئات عربات الدفع الرباعي المدرعة من طراز تويوتا لاند كروزر 79 وV8، إضافة إلى شاحنات هايلوكس وأطنان من الذخائر. الوجهة لم تكن أوروبا، بل بنغازي، حيث يقف حلفاء أبوظبي من ميليشيات الشرق بانتظارها، قبل أن تُشحن لاحقًا إلى ميليشيا الدعم السريع في السودان، لتغيّر مسار الحرب وتفتح أبواب الإبادة.
ما بين كريت وأستاكوس ومصراتة وبنغازي وطبرق، سارت السفينة كقطار موت يعبر تحت أعين أوروبا، بغطاء وتواطؤ صريح من مؤسساتها. وفي 26 أغسطس 2025، نشرت إل فوغليو تحقيقها الصادم «قطار دارفور»، كاشفةً كيف تحوّل الحظر الأممي إلى مسرحية هزلية، وكيف أصبح الصمت الأوروبي ختمًا رسميًا على شحنات الموت وتوقيعًا على الدم، وختم عبور لشحنة إماراتية انتهت في دارفور حيث المأساة تُكتب بالدم والنار.
آيا 1: سفينة بوجهين
في 22 يوليو 2025، اعترضت فرقاطتان أوروبيتان من عملية إيريني السفينة قبالة سواحل كريت: اليونانية ثيمستوكليس والإيطالية فرانشيسكو موروسيني.
كانت مهمة إيريني قد أُنشئت لتطبيق الحظر على ليبيا، لكن التفتيش أكد الحقيقة المروعة: السفينة لم تكن تحمل بضائع مدنية، بل أسلحة حرب. عندها امتلكت أوروبا البرهان، لكنها قررت أن تغضّ الطرف.
نُقلت السفينة إلى ميناء أستاكوس اليوناني، حيث بقيت أربعة أيام، قبل أن يُفرج عنها بعد مساومات دبلوماسية أفرغت القانون من معناه شملت أثينا وبروكسل وطرابلس وأبوظبي.
أربعة أيام صمت من الخزي الأوروبي
في الكواليس، وجدت أثينا نفسها بين مطرقة واشنطن التي طالبت بإنفاذ القانون، وسندان حفتر الذي هدّد بفتح بوابات الهجرة نحو كريت. النتيجة كانت تسوية مُخزية:
• توثيق الانتهاك وإرساله إلى لجنة خبراء الأمم المتحدة.
• السماح للسفينة بمواصلة رحلتها بذريعة “الاستثناءات”.
• تمريرها عبر مصراتة التابعة لحكومة طرابلس المعترف بها دوليًا لإضفاء شرعية شكلية، قبل مواصلة الطريق شرقًا.
هكذا تحوّلت إيريني، التي أنشئت لتطبيق القانون من حارسٍ للقانون إلى صكّ غفران للمجرمين ومن أداة ضبط إلى أداة لتبييض خرقه.
إكرامية مصراتة السياسية: حتى أنت يا الدبيبة؟
في 4 أغسطس 2025، ست آيا 1 في مصراتة، حيث أنزلت جزءًا من شحنتها.
مقاطع مصورة وثّقت شاحنات محمّلة بعشرات عربات لاند كروزر وهي تشق طريقها غربًا نحو طرابلس.
نقلت إل فوغليو عن دبلوماسي قوله:
“كان تسليم هذه المركبات لسلطات طرابلس أشبه بإكرامية، وربما مكافأة من الإمارات لعبد الحميد الدبيبة لضمان عبور الحمولة.”
فُسِّرت الإكرامية سياسيًا: بناءً على ذلك، أُعيد توزيع جزء من العربات على القوات الموالية لحكومة طرابلس، ولا سيما اللواء 111 بقيادة عبدل الزماد الزوبي، نائب وزير الدفاع. أما بقية الشحنة فانطلقت في اليوم التالي إلى بنغازي ثم طبرق، حيث التقطت صور أقمار صناعية عمليات إنزال جديدة. ومن هناك تحولت القوافل إلى طرق صحراوية، وبحلول منتصف أغسطس ظهرت لقطات تُظهر أكثر من مئة شاحنة هايلوكس في طريقها إلى نيالا بجنوب دارفور. بعد أسابيع قليلة، تحولت هذه القوافل إلى أدوات مجزرة معسكر زمزم، التي راح ضحيتها نحو 1500 نازح.
تاجر الفوضى
وراء هذه الرحلة يقف رجل الأعمال الليبي أحمد جدالة، المعروف أيضًا بأحمد اللوشيبي. عبر شركاته في دبي وبنغازي، يسيطر على شركة UDS للشحن المشغلة لسفينة آيا 1.
جدالة الذي اعتُقل سابقًا في دبي (2016–2018) بارتباطات مشبوهة، أعيد تأهيله بضغط من خليفة حفتر ليصبح الذراع الاقتصادية للعائلة الحفترية. اليوم، هو شريك نافذ في بنك التجارة والتنمية في بنغازي بقيادة صدام حفتر.
رسالة العار: توقيع الاتحاد الأوروبي على الخيانة
لم يكن الاكتشاف الأخطر في المقاطع المصوّرة ولا في صور الأقمار الصناعية، بل في وثيقة رسمية تحمل توقيع الاتحاد الأوروبي نفسه.
رسالة وجّهها الأدميرال فالنتينو رينالدي، قائد عملية إيريني في البحرية الإيطالية، إلى شركة UDS في دبي، مع نسخة إلى قبطان السفينة الأوكراني أنطونيوك فولوديمير، وأُرسلت مباشرة إلى رجل الأعمال أحمد جدالة. جاء في نص الرسالة:
“أود أن أعبر عن امتناني للتعاون الكريم الذي قدمتموه لعملية إيريني.
أطلب منكم بلطف توجيه السفينة آيا 1 إلى ميناء طرابلس للتفريغ تحت إشراف حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
ستقوم عملية إيريني بالإفراج الفوري عن السفينة.”
هكذا لم تعد أوروبا مجرد مراقب، بل شريك بخط اليد. لم تعد شاهدةً صامتة، بل شاهد زورٍ يشكر مهربًا ويبارك خرق الحظر، ويمنح الجريمة ختم شرعية. إنها لحظة الانكشاف الأخلاقي: حين يتحول الاتحاد الأوروبي من حارس للقانون إلى كاتب تذكرة لعبور الموت.
ما وراء السلاح… المعنى الأعمق
لم تكن آيا 1 تحمل في أحشائها السلاح وحده؛ فقد رُصِدت في مارس الماضي بأعين الأقمار الصناعية وهي ترسو في طبرق، تمارس طقسًا آخر من التهريب: أحد عشر صهريجًا مصطفًّا إلى جوارها، كأنها شهود صامتون على جريمة وقودٍ ممنوع. والمفارقة صارخة: كيف لبلدٍ هو مستورد صافٍ للديزل أن يتحوّل فجأة إلى مصدِّر؟ وكيف لسفينة حاويات أن تتنكّر في ثوب ناقلة نفط؟
الجواب في الحيلة: خزانات مرنة تُخفى داخل الحاويات، كأوردة مطاطية سوداء تضخّ السم في شرايين الصحراء. أسلوب خطير بقدر ما هو ماكر؛ تهريب مموّه كأنه تجارة مشروعة. وقد رصد الأميركيون هذه الأنشطة مرارًا، لكنهم آثروا الصمت حتى جاءت لحظة السلاح والمركبات، وكأنّ وقود التهريب لا يستحق الإدانة إلا إذا ارتبط بدماء على الأرض. كان ذلك خطيئة مزدوجة، وغلطة أثبتت الأيام فداحتها.
لكن الحقيقة أبعد من حمولة سفينة. إنها منظومة كاملة انكشفت أعضاؤها بلا حياء: أبوظبي تموّل وتسلّح، الموانئ الليبية تفتح الأبواب، وأوروبا تمنح الغطاء وتختم على الجريمة. أما المهرّبون فيُصعَّدون إلى مقام رجال الأعمال “المحترمين”، وتُوجَّه إليهم رسائل الامتنان الرسمي على “تعاونهم الكريم”.
هكذا يكتمل المشهد: من البحر إلى الصحراء، ومن السلاح إلى الوقود، ينساب قطار الموت في مساره المحتوم، حتى ينتهي في دارفور أنهارًا من الدم. لم تعد الحكاية عن سفينة واحدة، بل عن إمبراطورية ظلّية: سلاح إماراتي مُقنّن أوروبيًا، عبر ليبيا، يُترجَم إلى مجازر تُكتب بمداد الدم في السودان.
الخلاصة… أوروبا بين القانون والأخلاق ودبلوماسية الدم والبترودولار لنظام أبوظبي
لم تكن آيا 1 مجرد سفينة، بل مرآة كاشفة لنظام دولي يساوم على المبادئ ويقايض العدالة بالمصالح. من جبل علي خرجت محمّلة بسمومها، ومن كريت مرّت تحت بصر الاتحاد الأوروبي المتعامي، وفي مصراتة وُزّعت كهدايا سياسية، ومن بنغازي وطبرق انطلقت القوافل عبر الصحراء، حتى بلغت دارفور لتترجم إلى مقابر جماعية.
الضحايا سودانيون، الدماء سودانية، لكن الخزيَ أوروبي بامتياز. الاتحاد الأوروبي آثر أن يختبئ خلف الاستثناءات بدل أن يتمسّك بالقانون، وأن يبيع واجبه الأخلاقي في سوق المساومات الرخيصة، وأن يختار صمته الثقيل على كلمة عدل واحدة.
إن «قطار دارفور» ليس عنوانًا صحفيًا عابرًا، بل شهادة دامغة ستظلّ مسجّلة في ذاكرة التاريخ: أنّ الاتحاد الأوروبي، بوعيٍ كامل واختيارٍ مقصود، هو من ختم التذكرة إلى الإبادة، فيما تولّى نظام أبوظبي، بدبلوماسيته الملطخة بالدم والبترودولار، دور المموّل والسمسار و«سادن المقابر».
نظام أبوظبي: أهريمان هذا العصر
لن تكون قضية السفينة آيا 1 هي الأخيرة. فالنظام في أبوظبي، المُمكَّن من خلال شراكات غربية، أصبح حارس المقابر الجماعية ووسيط الفوضى الأكثر موثوقية في المنطقة. والأدلة دامغة: تقارير استقصائية، وخلاصات لجان خبراء الأمم المتحدة، وسيل متواصل من الشهادات، كلها تشير إلى النتيجة نفسها ـ أن أبوظبي متورطة في الفظائع، ليس في السودان وحده، بل أيضًا في سوريا واليمن وغزة والصومال وليبيا وغيرها من دول الإقليم ، وعبر القارة الإفريقية، حيث تُشترى الولاءات بالمال وتُدار الأجندات بعوائد النفط.
ومع كل انقلاب يولد من رمال الصحراء، وكل ميليشيا تُستعاد من رماد الفوضى، وكل نهر دم يسيل في السودان أو اليمن أو غيرهما، يطلّ راعٍ واحد بانتظام مروّع: الإمارات العربية المتحدة. وحتى اسمها يكشف خواءها. فـ”الإمارة” ليست إلا نطاق حكم أمير ـ أي حاكم أو ولي. إنه ليس اسمًا، بل لقبًا. دولة بلا هوية تتجاوز حكّامها. كيان إداري محبوك بخيوط النفط والدولار. دولة بلا اسم هي دولة بلا روح ـ وحين يسقط القناع، لا بد أن يُسمّى الوجه بما هو عليه.
والتاريخ مليء بالأنساق المشابهة: فمصر القديمة حذّرت من “سِت”، إله الفوضى وسفك الدم؛ وبلاد الرافدين أنذرت بـ”لاماشتو”، آكلة الأبرياء؛ وفارس عرفت “أهريمان”، تجسيد الشر الكوني؛ والإسكندنافيون ارتجفوا من “لوكي”، الخائن المخادع. وفي عصرنا، يقوم نظام أبوظبي بهذا الدور: إمبراطورية ظلّ تموّل الموت، وتكسو أمراء الحرب بلباس رجال الدولة، وتسمّي المجازر “وساطات”.
إن بلدًا بلا اسم خاص به، معرَّف فقط بكونه “نطاق حكم الأمراء”، لا يستطيع أن يكتسب هوية إلا عبر أفعاله. وبأفعاله هذه، استحقّ أظلم الألقاب. لقد صار أهريمان هذا الزمان ـ و”سِتّ” جزيرة العرب ـ اليد التي توقّع العقود بالدم وتحوّل الدمار إلى سياسة. ومن خلال تلك الأفعال، اختار اسمه الحقيقي: ليس اتحاد إمارات، بل اتحاد ظلال ـ راعٍ للميليشيات، وسمسار للفوضى، وحارس للمقابر. وفي دارفور، تجسّدت تلك الظلال في هيئة بشر، وكان الثمن مقابر جماعية سيخلّدها التاريخ إلى الأبد بخزي تواطؤ الاتحاد الأوروبي وتوقيع نظام أبوظبي.
وأخيراً… من السودان حسابٌ مع طغاة أبوظبي
لقد أخفقتم — وستظلون تُخفقون — في إخضاع السودان. فهذه الحرب لم تُشعل لأجل الذهب وحده، ولا لممرات البحر الأحمر وحدها، ولا لتأمين طرق النفاذ إلى قلب أفريقيا؛ إنما جوهرها أعمق وأخطر: إنها معركة على التربة الخصبة ومصادر المياه العذبة، على شريان البقاء الذي لا حياة بدونه. أنتم تقاتلون لأن المستقبل يطاردكم، ولأن أزمتكم الوجودية تلوح في الأفق كقدر محتوم. وقد شهد رئيسكم على نفسه حين أقرّ بأن عام 2051 سيكون عام الفصل: إما أن تؤمّن إمارتكم غذاءها وماءها، أو تسقط في هاوية الندرة والجوع والعطش. ومن هنا تخوضون حربكم بالوكالة، حرب بقاء بأي ثمن — ولو كان الثمن دماء السودان وأرضه.
لقد تجاوزتم كل الحدود في استدعاء الآخرين. جمعتم إلى معركتكم كل من تُباع ذمته وتُشترى بندقيته: من المرتزقة إلى المليشيات، من الحلفاء المأجورين إلى الجنود المأجورين. تجاوز عدد من حشدتموهم الخمسة عشر دولة، دفعتم الأموال وأرسلتم الأسلحة ومع ذلك لم تجنوا سوى الخيبة ، فبقي الفشل قرينكم، والعجز سمتكم، واللعنة تلاحق خطاكم حيثما ارتحلتم.
إنّ التاريخ واضح لا لبس فيه: في كل عصر، وفي كل ديانة وفلسفة، تساقطت الإمبراطوريات التي بُنيت على الجماجم والدماء. فالظلام لا ينتصر أبدًا، مهما علت سطوته.
على حكّام إمبراطورية التراب والسراب في أبوظبي أن يتذكّروا: لا طاغية خالد. لا قوم عاد الذين ظنّوا أنهم لا يُقهرون، ولا ثمود الذين نحتوا من الجبال بيوتًا آمنة، ولا فرعون الذي ادّعى الألوهية قبل أن يبتلعه البحر، ولا النمرود الذي تحدّى السماء وادّعى الألوهية أمام النبي إبراهيم، فأسقطه الله بأهون مخلوق. قد يُمدّ للطغاة في سلطانهم، لكنه سلطان مؤقّت لا يدوم، فإذا جاء حكم العدل أتى سريعًا ولم يُبقِ طاغية.
إن سلطانكم قائم على الفساد، وعلى سفك الدماء، وعلى تدمير الأرض والنسل. قد تشترون الصمت بالبترودولار، وقد تُغطّون المجازر بستار الدبلوماسية، لكن ساعة الحساب لا يمكن تأجيلها إلى الأبد. كل طغيان إلى زوال، وحين يسقط، يسقط سقوطًا كاملًا..
إن حُكم التاريخ ـ وسنّة الكون الثابتة ـ لا جدال فيه: قد يفعل الطغاة ما يشاؤون، لكن قانون العاقبة صارم، لا يلين، وأبدي كما تدينون تُدانون، وكما زرعتم تحصدون. من زرع الدم لا يحصد إلا اللعنة، ومن استكبر في الطغيان ابتلعه هاويته. وحين يُكتب سجلّ هذا العصر، فلن تُذكر أبوظبي كإمارة أمراء، بل كطغيان انهار وسقط ـ كما تسقط كل الطغيان، بسقوط مدوٍّ تتردّد أصداؤه عبر العصور.